بعض مشاهير هوليوود كانوا ممثِّلين إباحيين قبل شهرتهم

سعود قبيلات ▣

قال رئيس الوزراء التركيّ، رجب طيِّب أردوغان، أواخر الأسبوع الماضي، إنَّ حكومته لن تبدي أيّ تسامح بعد الآن حيال المتظاهرين الذين يطالبون باستقالته في كلّ أنحاء تركيا.

حسناً، المتظاهرون الأتراك لم يحمل أيٌّ منهم سكّيناً ضدَّ أجهزة الدولة أو يطلق عليها لو طلقةً واحدة حتَّى لو كانت "فشنج"؛ ومع ذلك، واجهتهم حكومة أردوغان، المتحمِّس جدّاً لما يسمِّيه الثورة السوريَّة، بالقوَّة، وأجبرتهم على إخلاء الميدان الذي كانوا يتظاهرون فيه، وقتلت منهم، أثناء ذلك، عدداً، وجرحتْ عدداً أكبر بكثير. لكنَّهم، عادوا للاعتصام مجدَّداً، تحت تهديد الحكومة ووعيدها بتكرار ممارساتها القمعيَّة ضدّهم.

وهنا، نأتي إلى الذين يحلو لهم دائماً أنْ يتحدَّثوا عمَّا يسمّونه "ازدواجيَّة المعايير"؛ فهذه حكومة تزعم (وتزعمون) أنَّها ديمقراطيَّة، ومع ذلك لم تقبل أنْ تنظِّم المعارضة ضدَّها حركةً احتجاجيَّة سلميَّة (سلميَّة فعلاً، وليست "سلميَّة.. سلميَّة" التي تعرفون)؛ فتعاملتْ مع هذه الحركة بكلّ ما أمكنها مِنْ حزم، ولم توفِّر أيَّ أسلوب قمعيّ متاح يمكن له أنْ يجبر المتظاهرين على التوقّف عن التظاهر.

وهذا يعيدنا إلى مزاعمكم بأنَّ ما تسمّونه "الثورة السوريَّة"، كان في البداية حركة احتجاجيَّة سلميَّة. حسناً! سنفترض أنَّ كلامكم هذا صحيح؛ فلماذا، إذاً، تبرِّرون قمع المظاهرات في تركيا وتعارضونه تماماً في سوريَّة.. بل تعتبرونه، في هذه الحالة، مبرِّراً كافياً لتحوّل الاحتجاج السلميّ المزعوم إلى عمل مسلَّح واسع ضدَّ الدولة السوريَّة، وجلب المسلَّحين مِنْ مختلف بقاع الأرض لاستباحة أراضيها، والدعوة بلا كلل للتدخّل العسكريّ المباشر، مِنْ حلف الأطلسيّ، ضدَّها؟ هل ستؤيّدون المعارضة التركيَّة لو تنادتْ إلى حمل السلاح وشرعتْ بالقتال ضدّ الحكومة ردّاً على قمع تظاهراتها السلميَّة فعلاً؟ هل تؤيّدونها لو طالبت بتدخل روسيا والصين وإيران ودول البريكس وما لا أدري انتصاراً لما قد نسمِّيه نحن انتفاضة شعبيَّة تركيَّة وليس "ثورة" بالتأكيد (فنحن لا نستخدم المصطلحات والمفاهيم سبهللة، أو نكاية؛ بل نحرص على الدقَّة الشديدة في ذلك)؟

الأمر الآخر الذي كشفته الأحداث، هو ما كنّا نقوله منذ بداية الصراع في سوريَّة، وهو أنَّه لو كان الموضوع موضوع مظاهرات فقط، لما احتاجت الدولة السوريَّة لتجريد قطاعاتٍ مِنْ قوَّاتها المسلَّحة لمواجهتها، ولكان يكفي أنْ تترك ذلك لقواها الأمنيَّة. فالجيوش، كما هو معروف، لا تصلح لمواجهة المظاهرات والاحتجاجات السلميَّة. بل إنَّه من الخطير جدّاً لأيّ نظام أنْ يزجّ جيشه في مواجهة أوضاع كهذه؛ لأنَّ ذلك سيقود إلى انهيار معنويَّات ذلك الجيش وانقسامه وتفكّكه. وهذا معروف في كلّ تجارب التاريخ الحديث. الجيوش لا يُعتمد عليها إلا في مواجهة عدوّ خارجيّ أو عصيان مسلَّح.. خصوصاً إذا كان له بُعد خارجيّ.

الخلاصة: سواء اِعترفتم بذلك أم أنكرتموه، أنتم جزء مِنْ حلف إقليميّ ودوليّ تقوده الولايات المتَّحدة، ويضمّ دول الأطلسيّ ومنها تركيا، ومشيخات النفط والدول التابعة، وأدوات هؤلاء جميعاً التي تقاتل في سوريَّة، و"إسرائيل" بالنتيجة. ومن الأدلَّة الواضحة على ذلك، تنقّلكم بمواقفكم المنحازة – بكلّ تناقضاتها – مِنْ مصر إلى تونس إلى تركيا إلى البحرين إلى سوريَّة إلى روسيا إلى الصين إلى إيران إلى فنزويلا وسائر دول أميركا اللاتينيَّة؛ بل، أيضاً، تغليبكم تناقضكم مع سوريَّة على أيَّة تناقضات قد تكون لكم مع أيّ واحدٍ مِنْ حلفائكم أولئك بما في ذلك "إسرائيل". فقد أفتى مفتوكم بـ"الجهاد" في سوريَّة ولم يفتوا بالجهاد في فلسطين، وأغلق مرسي سفارة سوريَّة ولم يغلق سفارة "إسرائيل"، وتكرَّرتْ زيارات الغنّوشيّ للايباك ومنظَّمات اللوبي الصهيونيّ الأخرى في واشنطن، مرافقاً الصهيونيّ الشهير مارتن أنديك، لكن حين يتعلّق الأمر بسوريَّة، فلا هوادة لديه ولا تساهل. وهذا طبيعيّ؛ فالتناقضات بين الأعداء تناقضات رئيسيَّة تناحريَّة؛ في حين أنَّ التناقضات بين الأصدقاء (أو الحلفاء) تناقضات ثانويَّة سلميَّة.

نحن، أيضاً، جزء مِنْ تحالف إقليميّ ودوليّ يشمل الأحزاب والقوى اليساريَّة والقوميَّة والقوى المعادية للإمبرياليَّة في مختلف أنحاء العالم. وبؤرة هذا التحالف في هذه اللحظة هي سوريَّة.. بحكم الصراع المصيريّ الدائر على أرضها، وأركانه هي كلّ دولة (أو جهة) تعتبر نفسها في هذه المرحلة في حالة صراع أو حتَّى منافسة مع الإمبرياليَّة الأميركيَّة وحلف الأطلسيّ و"إسرائيل" وأتباعهم وأدواتهم.

والفرق بيننا وبينكم هو أنَّكم تخجلون بمعظم حلفائكم وتنكرونهم باستمرار رغم وقوفكم المكشوف معهم جنباً إلى جنب، وتخفون أهدافكم الحقيقيَّة تحت مزاعم الديمقراطيَّة وحقوق الإنسان التي لم تصمد لا في البحرين ولا في مصر ولا في تونس ولا في ليبيا ولا في المغرب ولا في تركيا ولن تصمد في أيّ مكان آخر؛ في حين أنَّنا نعلن أهدافنا الحقيقيَّة بلا أيّ زيف أو ادِّعاء أو لفّ أو دوران، ونعتزّ بمواقفنا السياسيَّة، ولا نخجل بحلفائنا أو ننكرهم، بغضّ النظر عن حجم اتِّفاقنا أو اختلافنا معهم.