أصدر
اتّحاد الشيوعيين الأردنيين تصريحاً صحفيّاً انتقد فيه انخراط الحكومة الأردنيَّة في
الاستراتيجية الأميركيَّة الزائفة والمشبوهة لمحاربة إرهاب «داعش»،
على نحوٍ لم تراعِ فيه مصالح الأردن وشروط أمنه واستقلاله.
وتالياً
نصّ التصريح:
تصريح
صحفيّ صادر عن المكتب التنفيذيّ لاتّحاد الشيوعيين الأردنيين
يتعاظم
قلق شعبنا الأردنيّ من التطورات المتسارعة على حدودنا الشمالية والشرقية، التي من أبرز
ملامحها امعان الولايات المتحدة في التعاطي مع ظاهرة الإرهاب بانتقائية فاضحة وبلا
أدنى شعور بالمسؤوليَّة، ولجوئها إلى مقارعة بعض جماعاته ومنظماته من خارج إطار مجلس
الأمن الدولي.. كي تصبح مصالح احتكاراتها النفطية، وشركاتها العملاقة المنتجة للسلاح،
هي المرجعية، وليس الشرعية الدولية وقراراتها التي تدعو لاحترام سيادة الدول واستقلالها
وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وفي
هذا السياق، يُخشى أنْ يكون ما سُمِّي باستراتيجية مواجهة «داعش»،
ليس سوى محاولة لئيمة ومخادعة للالتفاف على «عقبات»
و«عوائق»
الشرعيَّة الدوليَّة التي حالت حتَّى الآن دون تمكين الإمبريالية الأميركية من
العدوان بشكلٍ مباشر على سوريا.
إنَّ
تمادي الإدارة الأميركيَّة في هذا السلوك غير المسؤول تجاه مشكلات المنطقة.. المستجد
منها والقديم المزمن، مرده إلى أنَّ الأنظمة العربية، ومنها النظام الأردني، تنساق
دوماً خلف الولايات المتحدة وحلفائها الأطلسيين، دونما اتعاظ مِنْ عِبَر الماضي القريب
والبعيد، وما جرّه هذا الانسياق التبعي والأعمى مِنْ شيوعٍ للفوضى العارمة، ومِنْ تفكيكٍ
لمؤسسات الدولة الوطنية في عددٍ من البلدان العربية، وانفجارٍ للعصبيات الطائفية والمذهبية والجهوية والقبلية
على حساب الهوية الوطنية الجامعة، وانتعاشٍ غير مسبوق لأفكار التطرف والتعصب والتكفير،
وتناسلٍ سرطاني لمنظماته وجماعاته.
واليوم،
تذعن الحكومات العربية ، ومنها الحكومة الأردنية، مجدداً، لضغوط الإمبريالية
الأميركية وابتزازها، وتنخرط معها في حلفٍ غير مقدسٍ تحت شعارٍ مضللٍ يدَّعي «مكافحة
الإرهاب الداعشيّ».
إنَّ
أكثر ما يهمنا في اتّحاد الشيوعيين الأردنيين التركيز عليه والتحذير منه، هو أنَّ الحكومة
تنقاد خلف واشنطن في مشروعها المخادع لمحاربة «داعش» متجاهلةً بشكلٍ تامّ كلَّ معايير
الشفافية وحقّ المواطن الأردنيّ، الذي تساوره مخاوف مشروعة من انتشار الفكر الإرهابيّ
المتطرف وتنامي مخاطره في الداخل قبل الخارج، في معرفة الحقائق المتصلة بما يتوجب على
الحكومة الأردنية القيام به جرَّاء انضوائها في «الائتلاف الدولي» الذي شكلته واشنطن،
لتنفيذ استراتيجية تأديب «داعش» بعد تجاوز هذا التنظيم الإرهابيّ الدمويّ، الذي
اصطنعوه ورعوه إلى وقتٍ قريب، للحدود المرسومة له، وتمدّده في شمال العراق، وتهديده
للمصالح الأميركية هناك.
إنَّ
استخدام المجموعات الإرهابية، وخاصة تلك التي سيجري تدريبها في بعض القواعد السعودية
، والتي تبين بالأمس أنَّها ستستهدف الجيش العربي السوري، وليس العناصر الإرهابية «الداعشية»
– للأراضي الأردنية، كممر باتجاه الأراضي السورية، سيحوّل الأردن الى طرف ضالع في الأعمال
العدائية الموجَّهة ضدّ سوريا، الأمر الذي أكد شعبنا مراراً وتكراراً على رفضه وادانته
له، لكونه يتعارض مع مصالحه الوطنية، ويعبّر عن الخضوع لإملاءات واشنطن والانسياق لخدمة
مصالحها، والاستجابة لابتزاز بعض الدول العربية التابعة.. وخاصة السعودية التي عملت
وتعمل كلَّ ما بوسعها لتدمير الدولة السورية وإسقاط نظامها السياسي في قبضة المنظمات
الإرهابيَّة المرتبطة بها (أي بالسعودية) والموالية لها، رغم أنَّ ممارسات تلك
المنظَّمات تؤكد على نحو جليّ وملموس أنَّها لا تقل تطرفاً وتكفيراً للآخر وإرهاباً
عن «داعش» أو «النصرة».
إنَّ
المكتب التنفيذي لاتّحاد الشيوعيين الأردنيين يطالب الحكومة بأن تصارح الشعب بكل ما
يجري خلف كواليس الاجتماعات واللقاءات الاقليمية والدولية المعلنة وغير المعلنة، وأن
تعوّل عليه وتتبنى موقفه الرافض لأن يكون للنظام السياسي الأردني أي دور يتجاوز حدود
لجم الجماعات الإرهابيَّة بكلِّ مسمياتها، وليس «داعش» فقط، وتدمير بنيتها العسكريَّة
ومختلف أذرعها وأدواتها ووسائلها، بالتنسيق مع جميع الحكومات المعنية، وخصوصاً الحكومة
السورية، وبالاستناد إلى الشرعية الدولية وقراراتها، مع ضرورة عدم تمكين أيٍّ مِنْ
عناصر الإرهاب، مهما كانت مسمياتها وأقنعتها وذرائعها، مِنْ عبور الأراضي الأردنيَّة
لتواصل اقتراف جرائم القتل والتدمير في سوريا، وتهديد وحدتها واستقلالها وسيادتها على
كامل أراضيها.
وقبل
كلّ شيء، فإنَّ مواجهة «داعش» ومثيلاتها، تقتضي المواجهة الجادَّة والدؤوبة لثقافة
التكفير والتجهيل والعنف؛ كما أنَّها تقتضي التخلّص من السياسات الاقتصاديَّة
الليبراليَّة التي تُعتَبر أكبر مولِّد لبيئة الإرهاب ونزعاته.
عمان
في 20/9/2014
المكتب
التنفيذي لاتّحاد الشيوعيين الأردنيين