ترجمة: ياسر قبيلات ▣
يدعو مستشار الرئيس الروسيّ، سيرغي
جلازييف، في مقاله هذا، إلى تشكيل ائتلاف دوليّ لمنع اندلاع حرب عالميَّة ثالثة
تدفع باتّجاهها الولايات المتّحدة. ويقول إنَّ مثل هذا الائتلاف ضروريّ ليس لمنع
وقوع مثل هذه الحرب فقط، بل وللانتصار فيها إنْ كان وقوعها أمراً لا مفرّ منه.
(المترجم).
الفترة الأكثر خطورة بالنسبة لروسيا ستحلّ
بداية العشريَّة القادمة (2020)، حينما تبدأ البلدان المتقدّمة والصين إعادة التسلّح
التكنولوجيّ، في حين ستخرج الولايات المتَّحدة ودول غربيَّة أخرى مِنْ فنرة السبات
2008 - 2018. وتحدث نقلة تكنولوجيَّة جديدة.
سوف تبقى مخاطر نشوب حرب عالميَّة
ثالثة ماثلة إلى أنْ تتخلَّى الحكومة الأميركيَّة عن سعيها إلى الهيمنة العالميَّة.
إذ أنَّها، جنباً إلى جنب مع النار الأوكرانيَّة،
تستمرّ في إشعال حرب الفوضى العالميَّة مِنْ خلال دعم الصراعات المسلَّحة في سوريا
والعراق، وزعزعة استقرار الوضع في الشرق الأوسط، وتحضِّر لغزو طالبان والمتشدِّدين
الإسلاميين لآسيا الوسطى، وتعمل على تصميم «ثورة
ملوَّنة»
في روسيا وغيرها من بلدان التكامل الأوراسيّ، وتحاول تنظيم الانقلابات العسكريَّة
في بلدان أميركا اللاتينيَّة الخارجة عن سيطرة واشنطن.
إنَّ الولايات المتَّحدة تندفع نحو حرب
عالميَّة ثالثة بفعل الضغط الموضوعيّ الذي ينجم عن طبيعة الديناميَّات الاقتصاديَّة
والسياسيَّة العالميَّة. لذلك، فإنَّ فهم هذه الديناميَّات يتيح التنبؤ بمستقبل النشاط
العسكريّ والسياسيّ على مدى عقد مقبل.
ويُظهر تحليل الديناميَّات الاقتصاديَّة
والسياسيَّة أنَّ الوقت الأكثر احتماليَّة لنشوب الصراعات العسكريَّة الإقليميَّة الكبرى،
التي تضمّ الولايات المتَّحدة وتوابعها ضدَّ روسيا، ستكون الفترة مِنْ 2015 إلى 2018.
في هذه الفترة بالذات سيكون النمط
التكنولوجيّ الجديد قد خرج مِنْ مرحلة الولادة إلى مرحلة النموّ والعمل. وحينها يتمّ
الانتهاء مِنْ تشكيل مسار التكنولوجيا الجديدة، وتبدأ عمليَّات تحديث الاقتصاد
القائمة على أساسه. وبالذات خلال هذه الفترة، ستفرض الطفرات التكنولوجيَّة تغييرات
في هيكل العلاقات الدوليَّة. والبلدان التي تركب قبل غيرها موجة نموّ النظام
التكنولوجيّ الجديد، تكتسب ميزة تنافسيَّة في السوق العالميّ، وستتمكَّن مِنْ
مزاحمة قادة السوق السابقين، الذين سيكون عليهم بذل جهود كبيرة للتغلّب على أزمة
الإفراط في مراكمة رأس المال في الهياكل الصناعيَّة والتكنولوجيَّة القديمة.
سيتجلَّى الصراع بين القادة الجدد
والقدامى في مجال التنمية التكنو- اقتصاديَّة في محاولات الهيمنة على السوق العالميّ؛
الأمر الذي يؤدّي إلى زيادة التوتّرات الدوليَّة وإثارة النزاعات العسكريَّة السياسيَّة
التي أدَّت حتَّى الآن إلى حربين عالميَّتين. وهذه المرحلة (الصراع - م) تبدأ الآن
في وقتنا الراهن، وسوف تستمرّ حتَّى الأعوام 2020 – 2022، حينما تتبلور أخيراً
بنية النظام التكنولوجيّ الجديد، ويدخل الاقتصاد العالميّ مرحلة من النموّ
المستدام على أساس ذلك.
تجدر الإشارة إلى أنَّ الأزمة
الأوكرانيَّة بدأت في وقت أسبق ممَّا كانت تتوقَّع التنبّؤات.
لو كان يانوكوفيتش وقَّع في تشرين
الثاني/ نوفمبر الماضي، اتفاقيَّة الشراكة مع الاتّحاد الأوروبيّ، لكانت هذه
الأزمة حدثت بعد ذلك بسنة ونصف، مع موعد الانتخابات الرئاسيَّة التالية.
وبحلول ذلك الوقت، كان سيكون قد تمَّ
تنفيذ المنصوص عليه في الاتّفاق مِنْ آليَّات إدارة الاقتصاد والسياسة الخارجيَّة
والدفاع في أوكرانيا من قبل الاتّحاد الأوروبيّ. ولكان تمَّ نشر الكتائب العسكريَّة
«الأوكرانيَّة
– البولنديَّة – الليتوانيَّة»، التي كان من المفترض أنَّه تمَّ الانتهاء
مِنْ إنشائها للتوّ، على الحدود مع روسيا. وكانت ستكون قد أُجريت اختبارات إجراءات
العمليَّات المشتركة للقوّات المسلَّحة الأوروبيّة والأوكرانيّة في تسوية النزاعات
الإقليميَّة.
وعلى الرغم مِنْ أنَّ الاتّفاق ينصّ
على التزام أوكرانيا بالعمل في هذه الصراعات تحت قيادة الاتّحاد الأوروبيّ، وكذلك تنسيق
سياستها الخارجيَّة وسياستها للدفاع مع سياساته، إلا أنَّه من الواضح أنَّ الإدارة
الفعليَّة للأنشطة العسكريَّة سوف تكون تحت إدارة حلف شمال الاطلسيّ بقيادة
واشنطن.
ليس هناك شكّ في أنَّه كان سيتمّ في
وقت الانتخابات الرئاسيَّة الأوكرانيَّة في ربيع عام 2015 تطبيق نفس السيناريو لاستبدال
يانوكوفيتش برئيس محميّ مِنْ قبل الولايات المتَّحدة، وبنفس التفاصيل التي حدثت خلال
الانقلاب في الشتاء الماضي. مع فارق أنَّ تغيير الحكومة كان يمكن أنْ يأتي بوسائل
مشروعة نسبيّاً (شكليّاً)، تمنع التدخّل الروسيّ في الشؤون الأوكرانيَّة، ناهيك عن
عدم إتاحة الفرصة لإعادة توحيد شبه جزيرة القرم.
وكانت الحكومة الأوكرانيَّة وهياكل
القوَّة فيها، التي كان سيشكّلها الأميركيون مِنْ عملائهم في كييف، ستَتَّخذ على
الفور مساراً يقود أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسيّ، وإلى تشريد أسطول
البحر الأسود الروسيّ، وطرده مِنْ شبه جزيرة القرم.
ولكان مَنْ يواجه روسيا في أوكرانيا
اليوم، ليس العصابات النازيَّة، ولكن القوّات النظاميَّة الأوكرانيَّة والأوروبيَّة،
مدعومة بكلِّ قوّة حلف شمال الاطلسيّ العسكريَّة.
ولكانت الحكومة الأوكرانيَّة «الشرعية»،
المدارة مِنْ قبل الولايات المتَّحدة، قد سارعت إلى تجميد التعاون مع روسيا في
مجال الدفاع، ولكانت شنَّت بضراوة لا تقلّ عمّا هو جارٍ الآن، حملةً محمومة مناهضة
لروسيا في وسائل الإعلام، ولفرضت «الأكرنة»
على جنوب شرق البلاد.
وكانت روسيا ستكون في وضع أسوأ بكثير
ممّا هي عليه الآن: بعد إعادة التوحيد مع شبه جزيرة القرم، ونشوء النظام النازيّ
في كييف، وعدم شرعيَّة الإجراءات الجنائيَّة التي تدين أوكرانيا في التسبّب بالكارثة
والانهيار.
وبطبيعة الحال، فإنَّ الكارثة الاجتماعيَّة
والاقتصاديَّة التي اجتاحت أوكرانيا والفوضى المتزايدة في أراضيها لا تلبِّي مصالح
روسيا، التي بالنسبة لها كانت أوكرانيا وتبقى جزءاً لا يتجزأ من العالم الروسيّ،
ومرتبطة بروسيا تكنولوجيّاً واقتصاديّاً وروحيّاً. كان يمكن تجنّب هذا السيناريو الكارثيّ
لو أنَّ يانوكوفيتش لم يذهب إلى التجاوب والتعاطي مع المبعوثين الأميركيين
والأوروبيين، وسعى لحماية الدولة من التمرّد النازي ومنع الانقلاب الحكوميّ.
وكان ذلك سيكون، بالنسبة للولايات
المتَّحدة، هزيمة منكرة للحملة الطويلة المناهضة لروسيا التي نظَّمتها في أوكرانيا
طوال فترة ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتيّ. ولذلك، قامت بكلّ ما يمكن ولا يمكن
القيام به، مع تسخير الموارد السياسيَّة والإعلاميَّة والماليَّة الضخمة، لتنظيم
انقلاب في كييف لنقل السلطة إلى وكلاء واشنطن الأوكرانيين الخاضعين لنفوذها.
نعم، تخاطر الولايات المتَّحدة - إنْ
دافعت روسيا بقوَّة وحزم عن نفسها وعن العالم ضدَّ السياسة الأميركيَّة، التي تطلق
العنان لحرب فوضويَّة عالميَّة - بدفع ثمن هذه المغامرة مِنْ رصيد قيادتها الفكريَّة
والسياسيَّة للعالم. ولكن، على ما يبدو، «باريس
تستحقّ قدّاساً»**
- فالسياسة الأميركيَّة، في سعيها لتحقيق أقصى قدر من الكسب الجيواستراتيجيّ، لم تعد
تأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي تنطوي عليها مساعيها.
تبدأ في العام 2017، في الولايات
المتَّحدة، دورة انتخابيَّة جديدة، ومن المحتمل أنْ تحضر فيها الـ«روسفوبيا»
كأساس أيديولوجيّ للحرب العالميَّة القادمة.
وبحلول ذلك الوقت من الممكن أنْ تتجلَّى
أزمة النظام الماليّ الأميركيّ وتعبِّر عن نفسها في تخفيضات في نفقات الموازنة،
وانخفاض قيمة الدولار، وتدهور ملموس في مستويات المعيشة. وعدوان الولايات المتَّحدة
الخارجيّ يمكن أنْ يختنق في الشرق الأدنى والأوسط، ويتهاوى في أفغانستان والعراق.
إنَّ ضغط المشاكل الداخليَّة
والأزمات في السياسة الخارجيَّة، يمكن أنْ تثير، مِنْ جهة، نموّ العدوانيَّة لدى القيادة
الأميركيَّة، ومِنْ ناحية أخرى – ستؤدّي إلى اضعاف موقفها. ولكن في حالة التعبئة
الفكريَّة والاقتصاديَّة والعسكريَّة المناسبة، فإنَّ روسيا تمتلك فرصاً بعدم
الخسارة في صراعات 2015 - 2018، إذ أنَّ الولايات المتَّحدة وتوابعها لا يزالون
غير مستعدّين لعدوان مفتوح.
ولكن في الفترة مِنْ 2021 – 2025، قد
تتخلَّف روسيا مرَّةً أخرى بشكلٍّ حادّ في المجالات التكنولوجيَّة والاقتصاديَّة، مما
يقلِّل من مستوى قدراتها الدفاعيَّة ويعزِّز على نحوٍ حادّ الصراعات الاجتماعيَّة
والنزاعات العرقيَّة الداخليَّة، كما حدث للاتّحاد السوفياتيّ في أواخر الثمانينيَّات.
إنَّ محلِّلي وكالة الاستخبارات الأميركيَّة
«سي.
آي. إيه»،
وغيرها من الوكالات الأميركيَّة الأخرى، يراهنون بجديَّة تامَّة، على انهيار روسيا
من الداخل، بعد عام 2020.
ذلك سيحدث، وفقاً لهم، بالذات بسبب
الصراعات الاجتماعيَّة والنزاعات العرقيَّة الداخليَّة، المثارة من الخارج
باستخدام مشاكل غياب المساواة الاجتماعيَّة والإقليميَّة، فضلاً عن انخفاض مستوى
معيشة السكّان في بلادنا.
لهذه الغاية، تعمل الولايات المتّحدة
بوتيرة حثيثة ومتواصلة على زراعة «طابور خامس»
بين سياسيّي ورجال أعمال ومثقفي روسيا، وتنفق، وفقاً لبعض التقديرات، ما يصل إلى
10 مليارات دولار في السنة على ذلك. وهذا ما تدعمه واقعة التعيين الأخير للسفير الأميركيّ
الجديد في موسكو، حيث اختارت الإدارة الأميركيَّة لهذه المهمّة، جون تيفت، المنظِّم
الأكثر شهرة لـ«الثورات
الملوَّنة»
والانقلابات في جغرافيا مرحلة ما بعد الاتّحاد السوفيتيّ.
لتجنّب نجاح تنفيذ هذا السيناريو الأسوأ
بالنسبة لروسيا، والذي يقود إلى تفكيك البلاد، من الضروريّ تمتين السياسة الداخليَّة
والخارجيَّة وتعزيز الأمن الوطنيّ، وتحقيق الاستقلال الاقتصاديّ، ورفع القدرة
التنافسيَّة الدوليَّة والتنمية المسبقة للاقتصاد الوطنيّ، والتعبئة الاجتماعيَّة
وتحديث صناعات الدفاع.
بحلول عام 2017، عندما يدخل النظام
التكنولوجيّ الجديد مرحلة النموّ والعمل، ويكون الصراع مِنْ أجل قيادة العالم قد
بلغ ذروته، يتوجَّب أنْ يكون الجيش الروسيّ مزوَّداً بأحدث الأسلحة وأكثرها فعاليَّة؛
ويتوجَّب أنْ يكون المجتمع الروسيّ متماسكاً واثقاً بقدراته، وأنْ تمتلك النخبة
المثقَّفة الروسيَّة أحدث التكنولوجيَّات الجديدة؛ وأنْ يكون الاقتصاد الروسيّ مواكباً
لنموّ النظام التكنولوجيّ الجديد، وأنْ تكون السياسة والدبلوماسيَّة الروسيَّة قادرتان
على تنظيم ائتلاف واسع مناهض للحرب، مكوَّن من البلدان التي لا مصلحة لها في نشوب
حرب عالميَّة جديدة، والقادرة على اتّخاذ إجراءات متضافرة لوقف العدوان الأميركيّ.
هناك حاجة إلى مثل هذا الإئتلاف
الدوليّ ليس فقط لمنع الحرب، ولكن للانتصار في هذه الحرب، إنْ أصبح وقوعها حتميّاً
وأمراً واقعاً لا مفرَّ منه.
وهذا التحالف ضدَّ الحرب يمكن أنْ يشمل:
- الدول الأوروبيَّة،
التي يتمّ زجّها في الحرب ضدَّ روسيا، خلافاً لمصالحها الوطنيَّة؛
- بلدان بريكس، التي
يمكن أنْ يتمّ نسف انتعاشها الاقتصاديّ بفعل سلوك الولايات المتَّحدة المنهجيّ
الساعي لزعزعة الاستقرار العالميّ؛
- دول كوريا
والهند الصينيَّة التي لا مصلحة لها في تدهور العلاقات مع روسيا.
- دول الشرق
الأوسط، التي ستعني الحرب العالميَّة تصعيد الصراعات الإقليميَّة الموجودة فيها
فعلاً.
- دول أميركا
اللاتينيَّة المنضوية في التحالف البوليفاريّ، التي ستؤدِّي أيَّة حرب عالميَّة
جديدة إلى غزوٍ مباشر لها مِنْ قبل الولايات المتَّحدة؛
- البلدان
النامية «مجموعة
الـ77»،
وريثة حركة بلدان عدم الانحياز، التي تقف تقليديّاً ضدَّ الحروب، وتؤيِّد إقامة
نظام عالميّ عادل.
يمكن أنْ يكون الدافع لتشكيل هذا الائتلاف
هو ذلك الشعور المشترك بين جميع أعضائه بالتهديد الذي ينجم عن قيام الولايات المتَّحدة
بتنظيم حروب فوضويَّة. والشرط الهامّ لنجاح هذا الائتلاف، كما سبق وذكرنا أعلاه،
هو حرمان الولايات المتَّحدة من احتكار الهيمنة الأيديولوجيَّة عن طريق الفضح
المتواصل للطبيعة غير الإنسانيَّة لهذه الهيمنة والعواقب الكارثيَّة لما قادت إليه
من تدخّلات وعدوان، وتسليط الضوء على الفظائع التي ارتكبها جنود الولايات المتَّحدة
مِنْ جرائم قتل جماعيّ وتشنيع بالمدنيين، وتوضيح النتائج المدمِّرة لسياسات الدمى التي
تديرها الولايات المتَّحدة الأميركيَّة في مختلف البلدان.
ومن الضروريّ تدمير صورة الأميركيّ الذي
لا يقهر، وفضح الاستهتار والخداع اللذين يمارسهما القادة الأميركيون، والنتائج الوخيمة
لسياستهم التي تذهب إلى الكيل بمكيالين، وعدم كفاءة وجهل المسؤولين والسياسيين
الأميركيين.
يمكن أنْ تكون مِنْ بين الحلفاء
المؤثِّرين، في إنشاء هذا التحالف المناهض للحرب، المؤسَّسات الدينيَّة المعارضة لإشاعة
عبادة الإباحيَّة والفساد وتقويض مؤسَّسة الأسرة والقيم الإنسانيَّة الأخرى.
هذه المؤسَّسات يمكنها أنْ تساعد
المشاركين في التحالف على تطوير وتقديم أيديولوجيا موحَّدة جديدة للعالم، تنبع من استعادة
القيود الأخلاقيَّة التي تمنع الحطّ من الإنسانيَّة.
وثمَّة دور بنَّاء ومهمّ يمكن أنْ
تقوم به المنظَّمات الإنسانيَّة والدوليَّة المناهضة للفاشيَّة. كما يمكن أنْ يكون
مِنْ بين حلفاء هذا الائتلاف المجتمع العلميّ في العالم والخبراء، الذين يتبنّون
مبدأ دعم نهج التنمية المستدامة والساعين إلى توحيد مشاريع التنمية البشريَّة.
ينبغي أنْ تركِّز خطوات هذا الائتلاف
المناهض للحرب ليس فقط على فضح وتدمير الهيمنة السياسيَّة للولايات المتَّحدة،
ولكن أيضاً، وقبل كل شيء على تقويض الجبروت السياسيّ والعسكريّ للولايات المتَّحدة
المبنيّ على أساس نفوذ الدولار كعملة عالميَّة. وفي حالة استمرار الأعمال العدوانيَّة
الأميركيَّة لإشعال الحرب العالميَّة، ينبغي أنْ تشمل هذه الخطوات الامتناع عن استخدام
الدولار في التجارة الدوليَّة، والعزوف عن التعامل بأدوات وصكوك الدولار الأخرى في
بناء الاحتياطات من العملة الأجنبيَّة.
ويجب أنْ يطوِّر هذا الإئتلاف ضدَّ
الحرب برنامجاً إيجابيّاً لإعادة هيكلة البنية الماليَّة والاقتصاديَّة العالميَّة
على مبادئ المنفعة المتبادلة والإنصاف واحترام السيادة الوطنيَّة.
ذكرنا أعلاه التدابير اللازمة لتحقيق
الاستقرار الماليّ، وايجاد تنظيم أكثر فعاليَّة للأسواق الماليَّة والمصارف والمؤسَّسات
الماليَّة والاستثماريَّة، وتحفيز نموّ النظام التكنولوجيّ الجديد وتمكين التغييرات
البنيويَّة التقدميَّة، وتشكيل مؤسَّسات جديدة ملائمة. وهذه يتوجَّب عليها القضاء
على الأسباب الأساسيَّة للأزمة العالميَّة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش
المترجم:
*سيرجي
جلازييف: اقتصاديّ وسياسيّ روسيّ بارز، ويعدّ من أبرز اقتصاديي العهد الروسيّ
الجديد. وهو وزير سابق للعلاقات الاقتصاديَّة الخارجيَّة، استقال في تشرين أوَّل/أوكتوبر
1993 احتجاجاً على فضّ يلتسين لمجلس النوّاب. نائب في مجلس الدوما لثلاث دورات.
نائب الأمين العامّ للمجموعة الاقتصاديَّة الأوروبيَّة الآسيويَّة (منظَّمة تضمّ
تسعة مِنْ جمهوريَّات الاتّحاد السوفيتيّ السابق). عضو أكاديميَّة العلوم الروسيَّة.
ويعمل منذ 2012 مستشاراً للرئيس فلاديمير بوتين لشؤون التكامل الاقتصاديّ الإقليميّ.
وهو على رأس المسؤولين الروس الذين وردت أسماؤهم في قوائم العقوبات الأميركيَّة
والأوروبيَّة.
المقال
نشر بتاريخ 21/10/2014 على موقع «نادي إزبورسك»، الذي يضمّ نخبة مِنْ خبراء روسيا
المهتمّين بسياسات روسيا الداخليَّة والخارجيَّة.
** تُنسَب هذه الكلمات إلى الملك هنري الرابع
(1553- 1610). وقد قالها عام 1593، تبريراً لتحوّله من البروتستانتيَّة إلى الكاثوليكيَّة
ليتمكَّن مِنْ حكم فرنسا. وتستخدم هذه العبارة، عادةً، للإشارة إلى الصفقات غير المعقولة التي
يقدم عليها البعض مِنْ
أجل تحقيق مكاسب شخصيَّة ضيِّقة.