عُقِدَ في مدينة الحمَّامات التونسيَّة، في 2 و3 و4 كانون أوَّل الجاري، لقاءٌ لعددٍ من القوى والأحزاب اليساريَّة والقوميَّة والشخصيَّات التقدّميَّة المستقلّة.
استضاف اللقاء عددٌ مِنْ أحزاب الجبهة الشعبيَّة التونسيَّة، وافتتحه الرفيق حمّة الهماميّ رئيس الجبهة. وقد اتَّفق المجتمعون على تسمية اجتماعهم كنواة لـ«جبهة شعبيَّة تقدّميَّة عربيَّة»، وقرَّروا متابعة الاتّصال بالقوى والأحزاب والشخصيَّات التقدّميَّة العربيَّة التي لم يتسنَّى لها حضور اللقاء لدعوتها للمشاركة في بناء الجبهة.
وقد انتدب الحاضرون، مِنْ بينهم، عدداً من الرفاق ليكونوا لجنة تنسيقيَّة لمتابعة عمل الجبهة وإنجاز المهامّ الملقاة على عاتقها في الفترة القادمة.
كما صدر عن اللقاء «مشروع رؤية سياسيَّة» وورقة تحدّد المهامّ المطلوب إنجازها في المدى المنظور القادم.
لجنة التنسيق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تالياً أسماء الرفاق أعضاء لجنة التنسيق:
1. محمَّد رقيّ – المغرب؛
2. أحمد بهاء شعبان – مصر؛
3. زهير حمديّ – تونس؛
4. أبو أحمد فؤاد – فلسطين؛
5. نجاح واكيم – لبنان؛
6. سعود قبيلات – الأردن؛
7. ........... - .......
مهمات لجنة التنسيق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. الاتصال (والتواصل) مع القوى والأحزاب والشخصيَّات القوميَّة واليساريَّة والديمقراطيَّة المعنيَّة بالمشاركة في هذا المشروع؛
2. تصدر بيانات تعبِّر عن مواقف لجنة التنسيق من الأحداث الهامَّة التي تستدعي ذلك؛
3. تحضِّر للاجتماعات القادمة للقوى المشاركة، وتضع مشاريع وجداول الاعمال لتلك الاجتماعات، وتدعو لانعقادها؛
4. تضع خِطَّةً لتوفير المتطلَّبات الماليَّة عبر المساهمات والاشتراكات؛
5. تضع برنامج عمل ميدانيّ جماهيريّ للمدّة القادمة؛
6. تشكِّل وفوداً لزيارة الأقطار العربيَّة والاتِّصال بالقوى والأحزاب والشخصيَّات المدعوَّة للمشاركة؛
7. تضع مشاريع لوائح داخليَّة إداريَّة وتنظيميَّة، وتعرضها على الاجتماع القادم؛
8. تنسِّق لإقامة مقرّين للجبهة.. في تونس ولبنان.
مشروع رؤية سياسية لجبهة عربية شعبية تقدمية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنَّ الأحزاب والقوى والشخصيَّات العربية المجتمعة في تونس، يومي 2 و3 كانون الأوَّل/ديسمبر 2015، انسجاماً مع «إعلان تونس»، الصادر بتاريخ 25 تمّوز/جويلية 2015، وبعد استعراضها للأوضاع الخطيرة التي يمرّ بها الوطن العربيّ والمنطقة ككلّ، يهمّها أنْ تؤكّد ما يلي:
1ـ إنَّ الأوضاع الخطيرة السائدة حاليّا في الوطن العربيّ ليست عادية ولاهي مجرّد استمرار للأوضاع السابقة وإنَّما هي إيذان ببداية مرحلة جديدة هي الأخطر منذ معاهدة «سايكس بيكو» (1916)، مرحلة تتصادم فيها من جهة إرادة الشعوب العربيَّة الطامحة إلى التحرّر الوطنيّ والانعتاق الاجتماعيّ عبر انتفاضات وحركات اجتماعيّة غير مسبوقة ضدَّ أنظمة مستبدَّة وفاسدة وتابعة انطلقت مِنْ تونس وامتدَّتْ إلى عددٍ من الأقطار العربيَّة الأخرى، ومِنْ جهة ثانية إرادة القوى الاستعماريَّة والرجعيَّة التي عملت وتعمل على إجهاض هذه الانتفاضات والحركات وتخريبها وعلى إعادة تقسيم الوطن العربيّ على أسس طائفيَّة/مذهبيَّة وعرقيَّة وقبليَّة مقيتة، باستخدام العنف والإرهاب والحروب الأهليَّة المدمّرة التي تثيرها وتموّلها وتسلّحها القوى الاستعماريَّة الغربيَّة بزعامة الولايات المتَّحدة الأميركيَّة، والكيان الصهيونيّ وغلاة الرجعيَّة العربيَّة والإسلاميَّة في المنطقة، وتوظّف فيها، إلى جانب التدخّل العسكريّ المباشر (ليبيا، سوريا، العراق، اليمن...)، حركات وجماعات ظلاميَّة، إجراميَّة، متعدّدة العناوين، تكريساً لمشروع «الشرق الأوسط الجديد» الاستعماريّ.
2ـ إنَّ الهدف مِنْ هذه الحملات والأعمال الإجراميَّة والحروب الأهليَّة الرجعيَّة، هو إجهاض المسارات الثوريَّة وتدمير الدول وتفكيكها وضرب وحدة المجتمعات وبعث كيانات طائفيَّة وعرقيَّة مكانها وتخريب كل المكتسبات العلميَّة والثقافيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة المحقَّقة في إطارها، وتدمير الذاكرة الحضاريَّة للأمّة، ونشر الخراب والزجّ بالشعوب العربيَّة في أنفاق مظلمة منعاً لنهوضها وتحقيق طموحها إلى الوحدة وبناء ذاتها على أسس الحريَّة والمساواة والديمقراطيَّة والعدالة الاجتماعيَّة والاستقلال وسيادة القرار الوطنيّ، وتهميشاً لقضيَّة العرب الأولى والمركزيَّة، القضيَّة الفلسطينيَّة، بهدف قبرها وفسح المجال للصهاينة لإقامة دولة دينيَّة، يهوديَّة، عنصريَّة، متصادمة مع الأعراف والقوانين الدوليَّة، على أرض فلسطين المغتصبة، وتسهيلاً لمواصلة السيطرة على مقدّرات العرب الاقتصاديَّة وبالأخصّ ثرواتهم النفطيَّة وعائداتها الماليَّة، وعلى أسواقهم ومواقعهم الاستراتيجيَّة في إطار نظام إقليميّ جديد على مقاس مصالح القوى الاستعماريَّة الكبرى وأدواتها في المنطقة.
3ـ إنَّ تطور الأوضاع في الوطن العربيّ والمنطقة عامَّة خلال الفترة الأخيرة ازداد تعقيداً وخطورة، خصوصاً في سوريا واليمن، بفعل التدخّل الامبرياليّ الرجعيّ. غير أنَّ الوطن العربيّ شهد في الوقت نفسه تطوراً آخر في غاية من الأهميَّة يعبر عن استمرار استفاقة الشعوب ورفضها للواقع المتردّي الذي يفرض عليها. فقد عرفت كل من العراق ولبنان حركات اجتماعيّة وشعبيّة واسعة ومتجاوزة للطائفيّة ضدَّ الفساد وضدَّ ظروف الحياة القاسية. كما تشهد فلسطين انطلاق حركة كفاحيَّة جديدة، ذات طابع شبابيّ، وهي في طريقها إلى التحوّل إلى انتفاضة شعبيَّة تضع مِنْ جديد في الصدارة المطالب الوطنيَّة المشروعة للشعب الفلسطينيّ في وجه الاحتلال الغاصب الممعن في القتل والتشريد والتهويد. وإلى ذلك ورغم الظروف الصعبة، فإنَّ المسار الثوريّ في تونس لم يتوقَّف وتُواصلُ القوى الثوريّة والديمقراطيّة والتقدميّة التصدّي لمحاولات القوى الرجعيّة الالتفاف على المسار الثوريّ والعودة بالبلاد إلى الوراء.
4ـ إنَّ الطريق الوحيد، الفعّال والناجع لمواجهة هذه المرحلة الجديدة الخطيرة، هو طريق النضال والمقاومة الوطنيَّة والقوميَّة التي تمثّل وحدة القوى الثوريَّة والوطنيَّة والديمقراطيَّة والتقدميَّة العربيَّة وتكتّلها ضمن جبهة عربيَّة شعبيَّة تقدميَّة واسعة وحقيقيَّة، أكبر ضمان للسّير فيه بنجاح والشرط الأوّل والأساسي لتعبئة الشعوب العربيَّة حول مشروع نهوض جديد يحقّق آمالها وطموحاتها. إنَّ غياب هذا المشروع الوطنيّ التقدميّ الموحَّد إلى حدّ الآن واستمرار تشتّت القوى الوطنيَّة والتقدميَّة هما العائقان الأساسيَّان أمام بروز البديل الذي يفتح آفاق التغيير للشعوب العربيَّة ويحدّد لنضالها الوطنيّ والديمقراطيّ والاجتماعيّ هدفاً واضحاً.
إنَّ مشروع النهوض العربيّ الجديد لن يكون له معنى إلا إذا استند إلى المبادئ والأهداف التالية:
أـ النضال مِنْ أجل تحقيق التحرّر الوطنيّ والقوميّ والتصدّي لكافّة أشكال التدخّل الأجنبيّ، الإقليميّ والدوليّ، العسكريّ وغير العسكريّ، في الشأن العربيّ، الذي يستهدف اجهاض المسارات الثوريّة التي تهدف الى الحريّة والسيادة والديمقراطيّة والعدالة والتي تستهدف مِنْ جهة أخرى تفكيك الدول وضرب وحدة المجتمعات بصفة مباشرة أو غير مباشرة، والعمل على تحقيق وحدة الأمّة العربيّة في إطار الاستقلال والسيادة الوطنيّة، ودعم وتوسيع الجهود القوميّة الرامية إلى تحقيق هذا الهدف.
ب ـ دعم مشروع المقاومة الوطنيّة والقوميّة خياراً استراتيجياً في مواجهة العدوّ الصهيونيّ لتحرير فلسطين.
ج ـ اعتبار المشاريع التكفيريَّة والطائفيَّة بمختلف أشكالها وعناوينها هي الوجه الآخر للاستعمار والصهيونيَّة لما تستهدفه مِنْ تخريب الأوطان العربيَّة وتهديد وجودها.
د ـ مناهضة الرأسماليَّة الليبراليَّة المتوحّشة وكافَّة أشكال الهيمنة والنهب والاستغلال التي تمارسها الدول الاستعماريَّة والمؤسّسات الماليّة العالميّة ووكلاؤها المحلّيون على شعوبنا، وتوحيد النضال الشعبيّ ضدّهم وتوثيق الصّلة بالشعوب الأخرى التي تعاني مِنْ نفس الاضطهاد, وتكثيف الجهود دوليّا في مواجهة مشروع الهيمنة الأميركيّ-الغربيّ الذي يلقى صدّاً متصاعداً في مختلف القارّات وتتحقَّق ضده انتصارات ومكاسب في أميركا اللاتينيَّة وفي أوروبا وغيرها، علاوة على ظهور قوى أخرى في الساحة الدوليَّة بما يؤشّر لنهاية العالم ذي القطب الواحد والسير نحو عالم متعدّد الأقطاب.
ه ـ مناهضة الاستعمار والصهيونيَّة والعنصريَّة والرجعيَّة العربيَّة، والانحياز الكامل لكلّ حركات التحرّر الوطنيّ والدفاع عن القضايا الإنسانيّة العادلة.
و ـ اعتماد الحريَّة والديمقراطيَّة صمام أمان لبلوغ الأوطان غايتها في التقدّم والنهوض وتكريس المساواة ونبذ كلّ أشكال التمييز على أساس دينيّ ومذهبيّ أو جنسيّ أو عرقيّ أو ثقافيّ وضمان التعدّد الفكريّ والسياسيّ والتداول على الحكم عبر انتخابات حرّة ونزيهة وشفَّافة وضمان التوازن بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية.
ز ـ اعتبار أنَّ القضاء على الإرهاب مرتبط بوضع حدّ للأطماع الاستعماريَّة والامبرياليَّة في المنطقة وإقامة أنظمة وطنيَّة، ديمقراطيَّة، تكفل سيادة شعوبها وتحفظ وحدة أراضيها وتضمن لها الحريَّة وتحقّق لها مقوّمات العدالة الاجتماعيَّة والمساواة والحياة الكريمة.
س ـ تحقيق العدالة الاجتماعيَّة بأفقٍ اشتراكيّ عبر ضمان سيادة الشعوب على ثرواتها والسيطرة على القرارات التي تتعلَّق باختيار أهدافها التنمويَّة وتحقيق مقوّمات الحياة الكريمة لكافَّة أفرادها في مواجهة النظام الدوليّ القائم الذي تصوغ توجّهاته كبريات الدول والاحتكارات الرأسماليَّة والامبرياليّة العالميّة ضماناً لمصالحها وامتيازاتها.
ع ـ احترام الهويَّة الثقافيَّة والحضاريَّة للأمّة العربيَّة وتعزيزها وتطويرها في إطار التفاعل المتكافئ مع مختلف مكوّنات الحضارة الإنسانيّة في قيمها المشتركة ضدّ التعصّب والكراهية والتمييز.
ف ـ الإيمان بالعمل المشترك مع القوى الوطنيّة التقدميّة على قاعدة المشتركات الوطنيّة والإنسانيّة، واعتماد الحوار الديمقراطيّ كأداة لحلّ التناقضات بينها.
5ـ إنَّ تكريس هذه الأهداف الكبرى وتحويلها إلى برامج نضاليّة ملموسة في المستويين الوطنيّ والقوميّ يقتضي خلق إطار مشترك للقوى الوطنيّة والديمقراطيّة والتقدميّة العربيّة، يتجاوز الطابع الشكليّ والمناسباتيّ للعديد من الأطر السابقة التي بُعِثت للوجود ولكنّها أخفقت في تحقيق أهداف وطموحات الجماهير العربيّة. إنَّ هذا الإطار الجديد هو إطار للفكر والعمل لتحقيق الاستقلاليَّة السياسيَّة للجماهير العربيَّة عن كل الأنظمة والقوى والمحاور الإقليميَّة والدوليَّة الرجعيَّة والمعادية لمصالح الشعوب العربيَّة. وحتى يكون الانتماء لهذا الإطار له معنى فيشترط على كلّ راغب في الانخراط فيه أنْ يكون له وجود ونشاط فعليّان في بلده.
إنَّ المهامّ المباشرة لهذا الإطار الجبهويّ تتمثل في العمل على:
ـ تعبئة الجماهير والقوى الوطنيَّة والتقدميَّة العربيَّة وتنظيمها لمواجهة المشروع الاستعماريّ الصهيونيّ الرجعيّ وخوض المعارك السياسيّة في مختلف الساحات العربيّة لتحقيق الديمقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة في إطار السيادة الوطنيّة.
ـ نسج التحالفات مع القوى التقدميّة والمعادية للإمبرياليّة في مختلف أنحاء العالم، وإقامة علاقات إيجابيَّة مع البلدان والدول التي لا تعادي مشروع النهوض العربيّ وتساند القضايا الأساسيّة لشعوبنا وعلى رأسها القضيّة الفلسطينيّة.
تونس في 4 كانون الأوَّل/ ديسمبر 2015