سعود قبيلات ▣
أيّد
الرئيس التركيّ، رجب طيّب أردوغان، العدوان الثلاثيّ على سوريا، وقال إنّه لم ينم
ليلة وقوع ذلك الهجوم.
يستطيع
أردوغان أنْ يسهر حتَّى آخر حياته بانتظار سماع خبر استسلام سوريا تحت ضربات
حلفائه الإمبرياليين الأطلسيين والصهاينة وأتباعهم وعملائهم وأدواتهم؛ لكنّه لن
يسمعه.
على
أيّة حال، يصوّر البعض علاقة تركيا بحلف الأطلسيّ في عهد أردوغان وحزبه بأنّها
علاقة مع أمر واقع لا يد له فيه. هؤلاء إمّا أنّهم يجهلون حقائق التاريخ أو أنّهم
يتجاهلونها، فانضمام تركيا إلى حلف الأطلسيّ تَمَّ في عهد الإسلاميين وليس في عهد
الأتاتوركيين أو سواهم. وتحديداً في عهد عدنان مندريس الذي لا يملّ «الإخوان
المسلمون» من تمجيده والإشادة بعهده. وقد حكم تركيا خلال الفترة ما بين العام 1950
و1960.
وكانت
تفاصيل تلك القصّة على النحو التالي: في البداية، بادر مندريس في شهر تشرين
الأوّل/أكتوبر 1950 إلى المشاركة بقوّاتٍ تركيّة في الحرب الأميركيّة على كوريا؛
حيث بلغ مجموع الجنود الأتراك، الذين أرسلهم حبيب الإسلاميين ذاك إلى أتون الحرب الكوريّة،
خمسة عشر ألف جنديّ. قُتِل منهم ألف وخمسة جنود، بحسب تصريح لسفير كوريا الجنوبية
لدى أنقرة يونسو جو، نشرته وكالة الأناضول التركية في تاريخ 9/3/2017، ضمن تقريرٍ
لها احتفت فيه بالذكرى السابعة والستّين للمشاركة التركيّة في الحرب الكوريّة.
وقال
التاي أتلي، خبير آسيا في مركز السياسات في جامعة سابانجي في إسطنبول: «لم يكن
الأميركيون (قبل ذلك) متأكدين حقاً من قيمة تركيا، لذلك كان على تركيا أن تثبت
قيمتها للدفاع الجماعي عن التحالف الأطلسي».
وبالفعل،
«أثبتت تركيا قيمتها» بمشاركتها في تلك الحرب الإمبرياليّة العدوانيّة؛ فنال
جنودها تقدير الجنرال والتون والكر، قائد الجيش الثامن الأميركيّ، بل ونالوا أيضاً
تقدير الرئيس الأميركيّ هاري ترومان الذي عبّر عن ذلك بمنح الجنود الأتراك وسام Presidential
Unit Citation، الذي يُمنح عادةً لوحدات الجيش الأميركيّ ولجيوش
الدول المتحالفة مع الولايات المتّحدة. وأكثر مِنْ ذلك، «نالت» تركيا عضويّة حلف
الأطلسيّ في العام التالي، وكانت مشاركتها في الحرب على كوريا عاملاً حاسماً في حصولها
على تلك العضويّة.
ومِنْ
ناحية أخرى، تآمرُ الإسلاميين الأتراك (وأشقائهم في العالم العربيّ) على البلدان
العربيّة ليس جديداً. لقد سهروا طويلاً أيضاً في العام 1956، بانتظار سماع خبر
استسلام القاهرة، في عهد عبد الناصر، تحت ضربات العدوان الثلاثيّ. وفي العام 1955،
تآمرت تركيا مندريس مع بريطانيا ونوري السعيد في العراق وإيران الشاه وحكومة
الباكستان، لإقامة حلف بغداد الذي خطّط الأميركيّون لإقامته في مواجهة حركة
التحرّر الوطنيّ العربيّة بقيادة جمال عبد الناصر. ومن المآثر الكفاحيّة للشعب
الأردنيّ أنّه ساهم، آنذاك، بدورٍ مشهودٍ في إفشال ذلك الحلف المشبوه.. مِنْ خلال مظاهراته
التي عمّت مختلف أنحاء البلاد وحالت دون مشاركة الأردن فيه. ثمّ جاءت ثورة 14
تمّوز بقيادة عبد الكريم قاسم لتنهي مشاركة العراق في الحلف.
ومعروف،
بعد ذلك، أنَّ الإسلاميين خاضوا حرب السي. آي. أيه وحلف الأطلسيّ على دولة
أفغانستان التقدّميّة، وحوّلوا تلك البلاد الجميلة، مِنْ يوم ذاك وحتّى الآن، إلى
دولة فاشلة يرتع فيها مختلف صنوف المنظّمات الإرهابيّة. وبعد ذلك، حوّلوا الصومال
أيضاً إلى دولة فاشلة. ثمّ ما لبثوا أنْ تنادوا للحرب على يوغسلافيا السابقة تحت
راية حلف الأطلسيّ، ولم يهدأ لهم (وللأطلسيّ) بال إلا بعد تحويلها إلى أشلاء. ثمّ قادوا
السودان إلى الانقسام إلى دولتين على أساس دينيّ. ثمّ انتقلوا إلى سوريا وانهمكوا بتدميرها
وقتل شعبها وجيشها طوال السنوات السبع الماضية. ولولا صمودها، ومساندة شعبها لجيشه،
وشجاعة قيادتها، لتحوّلت، هي الأخرى، إلى أشلاء.
في
مؤتمر صحفيّ مشترك عقده وزير الخارجيّة التركيّ مولود جاويش أوغلو في أنقره مع
الأمين العامّ لحلف الأطلسيّ ينس ستولتنبرج، أمس الاثنين 16/4/2018، قال
ستولتنبرج: «تركيا تعتبر شريكاً أساسياً وهاماً بالنسبة للناتو، ونتواجد براً
وبحراً وجواً في تركيا، ولدينا أنظمة دفاعات جوية قرب الحدود مع سوريا، كما أن
طائرات المراقبة التابعة للحلف تجري طلعات في الأجواء التركية».
وأبعد
مِنْ ذلك، كان ريتشارد ويتز، مدير مركز التحليل السياسيّ - العسكريّ في معهد
هادسون، قد قال في مقالٍ له نشرتْه مترجماً جريدة «الجريدة» الكويتيّة في تاريخ
31/7/2012، إنَّ «تركيا اليوم تتعاون مع الولايات المتحدة للترويج للديمقراطية في
الشرق الأوسط».
نعم،
هذا واضح، وهو دور قديم جديد نرى نتائجه جليّةً الآن في سوريا!