سعود قبيلات ▣
|
لماذا نساند سوريا.. ولماذا يعادونها؟ |
الذريعة
التي يستخدمها بعض الأردنيين والعرب، للوقوف ضدّ سوريا، هي الحريّة. وهم، إذ
يفعلون ذلك، يتجاهلون عدداً من الحقائق الأساسيّة المهمّة، التي سأشير إلى بعضها
تالياً:
الأولى،
أنَّ سوريا، عند استهدافها بهذه الحرب بالوكالة الظالمة، كانت الدولة العربيّة
الوحيدة التي لم تكن مدينة بقرش واحد؛
الثانية،
أنّها الوحيدة التي كانت مكتفية ذاتيّا وتأكل ممّا تُنتج؛ بل وكانت منتجاتها تغزو
أنحاء مختلفة من العالم؛
الثالثة،
أنّها الوحيدة التي ظلّ فيها التعليم بمختلف مراحلة مجانيّا، والخدمات الصحيّة
كذلك.. حتّى بعد التحوّلات الليبراليّة المتوحّشة التي اجتاحت مختلف أنحاء العالم
بعد انهيار الاتّحاد السوفييتيّ؛
الرابعة،
أنّها (ولبنان، بفضل دعمها لمقاومته) الوحيدة مِنْ دول المواجهة التي لم توقّع
سلاماً مذلّاً مع العدوّ الصهيونيّ؛
الخامسة،
أنّها الوحيدة التي دعمتْ (وتدعم) كلّ شكلٍ مِنْ أشكال المقاومة ضدّ العدوّ الصهيونيّ..
حتّى «حماس»، بل خصوصاً حماس؛
السادسة،
أنّها الوحيدة التي احتضنت ودعمت مقاومة الشعب العراقيّ للاحتلال الأميركيّ، والوحيدة
التي جرؤ رئيسها، علناً وبلا أيّ لفّ أو دوران، على تسمية الاحتلال الأميركيّ
للعراق احتلالاً، وتسمية مقاومة الشعب العراقيّ له مقاومةً؛
السابعة،
أنّها الوحيدة التي كانت تحتضن كلّ المعارضين اللائذين بها مِنْ قمع السلطات في
بلدانهم.. حتّى أواسط تسعينيّات القرن الماضي. وكلّ مهتمّ ومتابع زار سوريا في تلك
الفترة لابدّ أنّه يعرف المنطقة التي كانت تتجمّع فيها مكاتب حركات التحرّر في
دمشق؛
الثامنة،
أنّها الوحيدة التي لم يحجّ رئيسها.. لا السابق ولا الحاليّ، إلى واشنطن كباقي
الحكّام العرب للتعبير عن مظاهر الولاء والطاعة.. في حين زار رؤساء أميركيّون عديدون
دمشق، مراراً وتكراراً، وحين رفض أحدهم زيارة دمشق في أواسط تسعينيّات القرن
الماضي، جرى لقاء الرئيسين السوريّ والأميركيّ في جنيف وليس في واشنطن؛
بل
وبعد الاحتلال الأميركيّ للعراق بسنوات، جاء وزير الخارجيّة الفرنسيّ (وكان –
آنذاك – برنار كوشنير) إلى دمشق، قادماً من القدس المحتلّة، وقال للرئيس بشّار
الأسد إنّ أولمرت (رئيس الوزراء الصهيونيّ، آنذاك) يقول إنّه سيجعل الرئيس
الأميركيّ (جورج بوش الابن، آنذاك) يزورك في دمشق.. إذا سرتَ معه في «طريق
السلام»، فردّ عليه الرئيس الأسد قائلاً: ومَنْ قال لك إنَّني أحبّ أنْ يزورني
جورج بوش؟
التاسعة،
أنّها الوحيدة التي كانت (ولا تزال) عدة أحزاب سياسيّة ممثّلة بنوّاب في برلمانها
ولها وزراء في حكومتها في إطار «الجبهة الوطنيّة التقدّميّة». ومن الحقّ المطالبة
بتوسيع هذه العمليّة وتطويرها، وليس نسفها وتدميرها. ولكن، في مقابل هذا، فإنًّ
الدول العربيّة الأخرى تقتصر حكوماتها ومجالسها النيابيّة على ممثّلي السلطات
الحاكمة وحدهم، وبعضها بلا مجالس نيابيّة أصلاً، ولا حتّى نقابات، وبلا دساتير؛
العاشرة،
أنَّ الحريّة الشخصيّة في سوريا متاحة إلى حدٍّ بعيد؛ في حين يفتقر بعض الدول
العربيّة إلى أبسط الحقوق والحريّات الشخصيّة وتُفرَض على شعوبها معايير قيميّة
قروسطيّة متخلّفة بوساطة شرطة «المطوِّعة» (تكفي التسمية لكشف مدى الازدراء
والاحتقار لكرامة الإنسان)؛
الحادية
عشرة، أنَّ رئيس سوريا يعرض نفسه على الانتخابات العامّة ليستمدّ شرعيّته من الشعب
(هذا مِنْ حيث المبدأ وبغضّ النظر عن رأينا أو رأيكم بهذه الانتخابات)؛ في حين
أنَّ حُكّام العديد من الدول العربيّة لا يقرّون بهذا المبدأ مِنْ أساسه، ولا يعتقدون
أنّه يجب أنْ يكون للشعب رأي في تسلّمهم للسلطة.. فشرعيّتهم مستمدّة من جيناتهم..
والشعوب والبلدان، في عرفهم واعتقادهم، هي مجرّد أملاكٍ وتركات ورثوها عن آبائهم
وأجدادهم، ومِنْ حقِّهم أنْ يورّثوها لأبنائهم وأحفادهم.
لهذا
كلّه وسواه، ومِنْ أجل ضمان أمن إسرائيل ومصالحها، شنّ الغرب وأتباعه وعملاؤه
وأدواته حربهم الظالمة على سوريا؛ ولهذا وقفنا ضدّ هذه الحرب ونقف ضدّها؛ فما هي
الذرائع الحقيقيّة (الحقيقيّة وليست المدّعاة)، التي تجعل البعض يناصرون هذه الحرب؟
الحريّة؟ّ!
مَنْ
يريد نصرة الحريّة (والديمقراطيّة)، حقاً، سيبدأ بطابور طويل من الدول الأخرى قبل
أنْ يصل إلى سوريا؛ فما بالكم بمَنْ يقف في خندقٍ واحد (موضوعيّاً، على الأقلّ) مع
هذه الدول كلّها (وبالنتيجة، مع أسيادها الاستعماريين المنافقين في الغرب) ضدّ
سوريا؟!
يبقى
أنّه على مَنْ يتذرّعون بحجّة «نظام يقتل شعبه» النمطيّة المتهافتة (التي
يردّدونها كالكورس)، أنْ يتابعوا المواقع الإلكترونيّة للجماعات الإرهابيّة
التكفيريّة التي تشنّ الحرب على سوريا ليروا مباهاة أتباعها بعمليّات القتل البشعة
التي اقترفوها طوال هذه السنوات السبع ضدّ الجيش السوريّ والشعب السوريّ، وعليهم
أنْ يقرأوا التقارير التي دأب على نشرها ما يُسمّى «المرصد السوريّ لحقوق
الإنسان»، وهو هيئة معارضة مقرّها في لندن. وبحسبة بسيطة، سيجدون أنَّ مَنْ قتل
ويقتل الشعب السوريّ (ومعه الجيش السوريّ والقوى الشعبيّة الرديفة)، هو
الإرهابيّون وداعموهم وأنصارهم وليس العكس.