سعود قبيلات ▣
|
فيكتور هوغو |
نعم،
أحزنني جدّاً الحريق الذي اندلع في كاتدرائيّة نوتردام في باريس؛ فهي إرث إنسانيّ
عظيم. وبالنسبة لي، كانت المرّة الأولى التي أتعرّف فيها على هذه الكاتدرائيّة هي
عندما قرأت في فترة مبكّرة مِنْ حياتي رواية «أحدب نوتردام» لفيكتور هوغو. ولا
أزال أتذكّر، من تلك الرواية، الحسناء الغجريّة أزميرالدا وهي تقول في موقفٍ
مؤثّرٍ: الحبّ هو أن نكون اثنين، ثمّ لا نكون، في الوقت نفسه، إلا واحداً.
كان
زمن وقوع أحداث الرواية هو زمن السلطة الملكيّة الأوتوقراطيّة المستبدّة في فرنسا.
ومعروف عن فيكتور هوغو عداؤه الشديد للسلطة الأوتوقراطيّة التي مثّلها في زمنه
لويس بونابرت الصغير (وهوغو هو مَنْ لقّبه بالصغير). وقد تسببت معارضته المبدئيّة
الشجاعة لتلك السلطة بنفيه أكثر مِنْ عشرين سنة في جزيرة صغيرة معزولة؛ لكنه حينما
عاد من المنفى بعد نهاية الاستبداد، استقبلته فرنسا كلّها استقبال الأبطال.
ولكن
ما أحزنني أكثر (ويحزنني) هو هذه الهجمة الرجعيّة المحمومة على حرّيّات المواطنين
الأردنيين وحقوقهم الإنسانيّة، التي استشرت في الآونة الأخيرة وراحت تستهدف أجمل
ما في نفوسهم.. أعني توقهم إلى الحرّيّة والعدالة وشعورهم بالكرامة وتعبيرهم عن
ذلك بالكلمة الحرّة الشجاعة.
ففي
المدّة الأخيرة اُستُدعيَ (ويُستدعى) عددٌ كبير من الشباب والفتيات إلى دائرة
المخابرات بسبب استخدامهم حقّهم في التعبير عن رأيهم في ما يمسّ حياتهم وكرامتهم
وحرّيّتهم من الأمور.
وهذا
مُستغرَب، بل مُستنكَر جدّاً. لأنّ كرامة الشعب، بالنسبة لنا، أهمّ مِنْ كرامة
سلطة تزكم روائح فسادها الأنوف.
واليوم،
علمنا أيضاً باعتقال الشابّ عامر الغويين، بسبب تعليقٍ له على الفيسبوك!
وعامر
هو مِنْ بلدة «مليح»/لواء ذيبان في محافظة مادبا. أي أنَّه مِنْ «أبناء الحرّاثين»
وله الفخر بذلك (ولي أيضاً).
سُجِن
عامر بشكوى مِنْ رئيس الوزراء السابق هاني الملقي! وثمّة معلومات بأنّ هذه الشكوى
تشمل عدداً كبيراً مِن الأردنيين الأحرار.
إنّ
مِنْ واجب أيّ شخص عامّ (وبالأحرى إذا كان رئيس وزراء.. سابق أو عامل) أن يستمع
إلى نقد الناس وأن يتقبّله مهما كان قاسياً.
كاتب
هذه السطور تعرّض مراراً إلى سيل من الشتائم المقذعة على صفحته، مِنْ مئات الأشخاص
(ومعظمهم كانوا يشتمونني بالنيابة عن النظام وبتوجيهٍ مِنْ أجهزته)، ونصحني كثير
من الأصدقاء بالشكوى عليهم لدى القضاء، فلم أقبل؛ لأنَّني أشتغل بالشأن العامّ،
وما دمتُ كذلك، فمِنْ حقّ الناس أن تنتقدني.. بغض النظر عن أسلوبها في النقد أو
أهدافها. ومِنْ واجبي أنْ أتقبّل ذلك مهما كان قاسياً أو حتَّى غير منصفٍ.
إنّ
لجوء النظام إلى هذه الأساليب العرفيّة التي سبق له أنْ جرّبها ولَم تقد إلا إلى
الكثير من المرارات والسخط، لهو دليل إفلاسٍ ما بعده إفلاس.
هل
تظنّون أنّكم بهذه الأساليب القمعيّة المنكرة تستطيعون تكميم أفواه الناس وإطفاء أوار
الغضب المتأجّج في نفوسهم!
كلّا؛
فسرعان ما ستكتشفون كم أنتم واهمون. فالسجون، حين يتعلَّق الأمر بالحرّيّات
والقضايا العادلة، لم تكن يوماً إلا مدارس لتخريج أفواج تلو أفواج من المناضلين
الأشدّاء المبدئيين.
على
أيَّة حال،
تالياً،
أنشر نداء لجنة الحرّيّات في ائتلاف حِراكات وقوى «مش ساكتين» إلى كلّ مَنْ تمسّهم
هذه الحملة المستنكرَة على الحرّيّات وحقوق الإنسان:
«في
حال تعرضك للاستدعاء أو الاعتقال من المخابرات أو الأجهزة الأمنية أو الحكّام
الإداريين، يمكنك الاتصال بنا على الخطوط الساخنة التالية:
0796240719،
0799705311،
0795966577،
0796052358،
0779202093
أو
واتساب
0796190004
لجنة
الحريّات في ائتلاف حِراكات وقوى مش ساكتين».